ملامح الأصالة في الفلسفة الإسلامية

مقدمة

        لقد اشرنا فيما سبق أن الفلسفة الإسلامية كان لهما تأثير كبير في نشأة الفلسفة الإسلامية التي حاول فيها روادها, من أمثال الكندي والفارابي و إبن سينا و إبن رشد وغيرهم, محاكات فلاسفة اليونانيى, ولكن هذا التأثير لم يصل الي درجة تجعل من الفلسفة الإسلامية صورة مطابقة لفلسفة اليونانية, لأن الفلاسفة الإسلامية لم يتابعوا اليونانين في كل ما قالوا ولم يقلدوهم تقليدا أعمي, بل أنهم وقفوا منهم موقف النقد والتمحيص, يأخذون من أفكارهم ماتقتنع به عقولهم ويتفق مع دينهم, ويرفضون منها ما يتعارضوا صراحة مع عقيدتهم, لأنهم كانوا يدركون أن الروح اليوناني تختلف الي حد كبير مع الروح الإسلامية.

        ومن هنا كان لهم أبداعهم في كثير من أفكارهم وآراءهم, وخاصة في تلك الموضوعات التي استوحوها من دينهم, فجاءت فلسفتهم غيرخالية من ملامح الأصالة التي سنحاول أن نكشف عنها فيما بعد.

البحث

الفلسفة عند الإسلاميين

       لا نستطيع في هذا المجال أل نتحرك بالتفصيل عن الفلسفة عند فلاسفتنا الإسلاميين, لأن ذلك يطلب بحثا خاصا, لهاذا فاننا سنحاول أن نتحدث عن جوانب من هذه الفلسفة من خلال بعض فلاسفتنا الرواد, سنتناول تعريف الفلسفة عندهم, وغايتها في نظرهم ثم نتحدث عن أهم الموضوعات التي عالجوها.

        يعرفها الكندي (202 ه) أول فيلوسف في الإسلام وفيلوسف العرب بأنها "علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الانسان لأن غرض الفيلوسف في علمه اصابة الحق وفي علمه العمل بالحق ".

        ويعرفها الفارابي (335 ه) المعلم الثاني بأنها "العلم الموجودات بما هو الموجودات".

        ويعرفها ابن سينا (428 ه)  الشيخ الرئسي فيقول "الحكمة صناعة نظر يستفيد منها الانسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه, وما عليه الواجب مما ينبغي ان يكسبه فعله لتشرف بذلك نفسه وتستكمل و تصير عاليا معقولا مضاهيا للعالم الموجود ونستعدللسعادة القصري با الأخرة وذلك حسب طاقة الانسانية ".

غاية الفلسفة

       يري الفلاسفة الاسلاميين أن غاية الفلسفة تكاد تشبه غاية الدين وان كان كليهما يرمي الي تحقيق السعادة من طريق الإعتقاد الحق وعمل الخير.

        ويؤكد الفارابي الغاية التي تهدف الفلاسفة الي تحقيقها فيقول: "وأما الغاية التي يقصد اليها في تعلم الفلسفة فهي معرفة الخالق تعالي وأنه واحد غير متحرك انه العلة الفاعلة لجامع الاشياء وانه المرتب الاول لهذا الكون بجوده وحكمته وعدله".

ملامح الاصالة في الفلسفة التقليدية

         لقد اشرنا اكثر من مرة الي أن الفلسفة الاسلامية علي الرغم من نشأتها ترجع الي تأثير الفلسفة اليونانية فانها لم تكن صورة مطابقة أو نسخة مكررة من تلك الفلسفة وانما تميزت في كثير من موضوعاتها بطابع خاص اصيل. لان روادها لم يكونوا مجرد ببغوات يرددون ما تلقونه عن فلاسفة اليونان, ولم يكون مجرد نقلة أو معلقين, وانما اثبتوا في هذا المجال وتركوا بصماتهم علي انتاجهم. واتخذوا موقفا نقديا متميزا ازاء كثير من الآراء والأفكار اليوناني.

        وهكذا فان الفلسفة الاسلامية كما راينا لا تخلو من ملامح الاصالة وان كانت هذه الملامح غارقة وسط الاقتباسات الكثيرة من الفلاسفة اليونانين ولهذا فان الوقوف عليها يطلب من الباحث جهدا كبيرا التنقيب والفحص والتمحيص

        وتتمثل هذه الملامح في موضوعات تعتبر جديدة خاض فيها فلاسفة الاسلام تحت تأثير البيئة الاسلامية وظروفها التي دفعتهم الي معالجة هذه الموضوعات التي من اهمها:

1.   التوفيق بين الدين والفلسفة

يعتبر هذا الموضوع من الموضوعات التي فرضتها البيئة الاسلامية علي فلاسفتنا , ذلك أن الفلسفة اليونانية قد وجدت مقاومة شديدة في المحيط الإسلامية وخاصة عندما تعرضت للمشكلاة الميتافيزيقية التي تمس حقيقة العقائد التي ورد بها الدين لأنها تمثل روحا مباينة في كثير من المسائل للروح الإسلامية وكان على عشاق هذه الفلسفة من المسلمين أن يمهدوا لها أرضا ثابتتا في المجتمع الإسلامي.

و من جانب الآخر فإن فلاسفة الاسلام يؤمنون بأن دينهم حق لاشك فيه, ويؤمنون ايضا بسمو الفلسفة اليونانية, وينظر اليها علي انها حق لا ريب فيه, ولهذا فإنهم لم يريدوا أن يضحوا بالفلسفة من اجل الدين, أو أن يضحوا بالدين في سبيل الفلسفة.

ومن هنا فقد لجأوا الي التوفيق بين الدين والفلسفة, وهذا يحقق لهم الاختفاظ بهما و عدم التضحية باحدهما في سبيل الآخر كما يحقق لهم التمكين للفلسفة في المجتمع الإسلامي وتهيئة الاذهان لتقبلها.

2.   النبوة والوحى

موضوع النبوة عند فلاسفة الإسلام يعتبر من الموضوعات الخاصة التي فرضتها البيئة الإسلامية علي المسلمين بما فيهم الفلاسفة, ولم يكن من الموضوعات التي عرفتها الفلسفة اليونانية وخصوصا في عصرها الهندي.

وإذا كانت الظروف التي احاطت بالبيئة الاسلامية تعتبر الدافع الاساسي التي دفع فلاسفة الإسلام الي الخوض في موضوع النبوة فإنها قد أثرت أيضا في طريقة معالجتهم لهذا الموضوع ولهذا ينبغي و نحن نقدر تفكيرهم في هذا الموضوع أن نراعي الظروف التي اكتنفت حياتهم ابان معالجتهم حتي يكون حكمنا علي عملهم حكما سليما.

الاختتام

ومن الاهم لقد بينا عن هذا الموضوع في ملامح الاصالة في الفلسفة الاسلامية بيان الموجز و تم الحمدلله واكتفي هذا عسي أن يكون مقنعا لدي المحاضر وأخيرا شكرا.

المصادر والمراجع

عبد المقصود عبد الغني الدكتور, أصالة التفكير الفلسفي في الاسلام, كلية دارالعلوم جامعة القاهرة

علي سامي الناشر الدكتور, نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام, دار المعارف بمصر

عبد الرحمن بدوي الدكتور, خريف الفكر اليناني, النهضة المصرية بالقاهرة