بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الوَعْدِ الْأَمِيْنِ، الَّلهُمَّ أَخْرِجْنَا مِنْ ظُلُمَاتِ اْلجَهْلِ وَاْلوَهْمِ إِلَى أَحْوَالِ اْلمَعْرِفَةِ وَاْلعِلْمِ، وَمِنْ وُحُوْرِالشَّهَوَاتِ إِلَى جَنَّاتِ اْلقُرُبَاتِ.
أَعِزَّائِي المُشَاهِدِيْنَ، إِخْوَتِي المُؤْمِنِيْنَ...
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
هذَا الدِّيْنُ العَظِيْمُ، عَقَائِدُ وَعِبَادَاتٌ وَمُعَامَلاَتٌ وَآدَابٌ. فَالصِّيَامُ يُؤَدُّ الثَّانِي أَكْبَرِ عِبَادَاتٍ فِي اْلإِسْلاَمِ، فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُوْلُ: "يَآأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ".
مَا التَّقْوَي؟ لاَ بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةٍ، اللهُ عَزَّوَجَلَّ يَقُوْلُ: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَظِلُّ وَلَا يَشْقَي أَيْ لَايَظِلُّ عَقْلُهُ وَلَا تَشْقَي نَفْسُهُ، وَاللهُ عَزَّوَجَلَّ يَقُوْلُ: "فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُوْنَ"، فَالَّذِي يَتَّبِعُ هُدَي اللهِ هُوَ الْمُتَّقِي، التَّقْوَي أَنْ تَخْضَعَ لِمَنْهَجِ اللهِ، التَّقْوَي أَنْ تُطِيْعَ اللهَ، التَّقْوَي أَنْ تَتَّقِ غَضَبَ اللهِ، التَّقْوَي أَنْ لَاتَتَعَرَّضَ بِسَخَطِ اللهِ، التَّقْوَي أَنْ لاَتَتَعَرَّضَ لِعِقَابِ اللهِ، فَلِذَلِكَ...التَّقْوَي بِشَكْلٍ وَاسِعٍ هِيَ طَاعَةُ اللهِ عَزَّوَجَلَّ أَوْ بِاْلمَعْنَى الضَيِّقِ أَنْ تَتَّقِ غَضَبَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ.
أَيُّهَا اْلإِخْوَةُ الاِحْبَابُ...
الإِنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ الدُّنْيَا إِنْ لَمْ يَبْتَدِئْ هُدَي رَبِّهِ مُعَرَّضٌ لِكَثِيْرٍ مِنَ اْلمَخَاطِرِ، فَالدُّنْيَا خَطِيْرَةٌ مُظْهِرَةٌ، سُمُّهَا فِي دَسَمِهَا، فِيْهَا مَنْزَلَقَاتٌ وَمَتَاعَاتٌ مَالُهَا يُغْنِى نِسَاءُهَا تُفْتِي نِسَاءُهَا حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ، الأَهْلُ وَالْوَلَدُ مُشْغَلَةٌ هُزْبَلَةٌ مَبْخَلَةٌ، الشَّهَوَاتُ فِيْهَا مُسْتَعِرَةٌ بِأَبَاهُ لاَإلَهَ، الفِتَنُ فِيْهَا يَقِظَةٌ فِي أَزْمَلِ أَصْوَاتِرَةٍ.
الآنْ كَيْفَ يَتَّقِ اْلإِنْسَانُ الضّياَعَةَ فِي تِلْكَ اْلمَتَاهَاتِ وَالضَّلَالَاتِ، كَيْفَ يَتَّقِ اْلإِنْسَانُ الإِنْجِلْبَابَ إِلَى هَذِهِ الفِتَنِ المَغْلَكَاتِ، كَيْفَ يَتَّقِ اْلإِنْسَانُ خَطَرَ الإِنْدِمَاسِ فِى تِلْكَ الشَهَوَاتِ، كَيْفَ يَتَّقِ اْلإِنْسَانُ حَمْأَةَ المُزَاحَمَةِ فِى جَمْعِ الدَّرَاهِمِ مِنَ الثَّرْوَاتِ، كَيْفَ يَتَّقِ الإِنْسَانُ شَقَائِقَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. التَّقْوَى هِيَ عِلَّةُ الصِّيَامِ، التَّقْوَى هِيَ حِكْمَةُ الَّتِى أَلاَدَهَا اللهُ الصِّيَامَ.
أَيُهَا الإِخْوَةُ الاِحْبَابُ...
بَدِئَتِ البَدْأ، اللهُ جَلَّ جَلَالَهُ هُوَ الْخَالِقُ وَلَا إِلَهَ غَيْرَهُ، وَهُوَ أَهْلٌ بِالتَّقْوَى. لِذَلِكَ يَقُوْلُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ: "يَآأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ"، لِمَاذَا؟ الَّذِى خَلَقَكُمْ، هَلْ هُنَاكَ مِنْ جِهَةٍ تَسْتَحِقُّ اْلعِبَادَةَ إِلَّا اْلخَالِقُ، هَلْ هُنَاكَ مِنْ جِهَةٍ خَذِيْرَةٍ فِي حَقِيْقَةِ النَّفْسِ، فِي وَسَائِلِ سَلَامَتِهَا، فِي أَسْبَابِ سَعَادَتِهَا إِلَّا اللهُ عَزَّوَجَلَّ؟ لِذَلِكَ تَأْتِي آيَةُ اْلكَرِيْمَةِ: "يَآأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ"، أَيُعْقَدُ أَنْ تُطِيْعَ مَخْلُوْقًا وَتَنْصِحَ خَالِقًا، أَنْ يُعْقَدَ أَنْ تَخْشَى النَّاسَ وَلَا تَخْشَى اللهَ، أَنْ يُعْقَدَ أَنْ تَهْتَدِيَ بِتَصَوُّرَاتٍ بَشَرِيِّةٍ خَاطِئَةٍ وَلاَتَهْتَدِى بِهُدَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ، لِذَلِكَ يَقُوْلُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ: أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُوْنَ، إِنَّهُ اِسْتِفْهَامٌ تَعَجُّبِيٌ، أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُوْنَ، وَلَكِنْ نَحْنُ نَعْبُدُ اللهَ لِأَنَّ مَسِيْرَ مَعْبُوْدِهِ وَلِأَنَّنَا فِي قَبْضَتِهِ، وَلِأَنَّ المَرْحُوْنَ فِي تُنْفِنَا، كُنْ فَيَكُوْنَ، ذُلْ فَيَذُوْلُ، وَلَكِنْ هُنَاكَ مَعْنَى دَقِيْقٌ جَيِّدًا، هُوَ بِذَاتِهِ العَالِيَةُ أَهْلٌ لِلتَّقْوَى، يَعْنِى أَهْلٌ أَنْ تُفْنِيَ شَبَابَكَ مِنْ أَجْلِهِ، أَهْلٌ أَنْ تَتَّجِهَ إِلَيْهِ، أَهْلٌ أَنْ تَنْحَضَ وُدَّكَ، أَهْلٌ أَنْ تَخْطُبَ وُدَّكَ، أَهْلٌ أَنْ تُضَحِّ مِنْ أَجْلِهِ بِالْغَالِى وَالرَّحِيْصِ وَالنَّفْسِ وَالنَّفِيْسِ، لِذَلِكَ يَآأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ، أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُوْنَ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ اْلمَغْفِرَةِ.
وَلَكِنْ أَيُّهَا الإِخْوَة مَاذَا طَرِيْقُ التَّقْوَى، نَحْنُ فِي عِلَّةِ الصِّيَامِ، مَاذَا طَرِيْقُ التَّقْوَى؟ قَالَ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللهَ يَعْنِى اتَّقُوْا حَضَرَكُمْ اتَّقُوْا مَعْصِيَتَهُ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ. يَنْبَغِي أَنْ تُؤْمِنُوْا بِهِ أَوَّلًا، يَنْبَغِي أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ اْلوَاحِدِ اْلقَهَّارِ، الوَاحِدِ اْلأَحَدِ الفَرْضِ الصَّمَدِ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ، يَنْبَغِي أَنْ تُؤْمِنَ لِلَّذِى بِيَدِهِ مَلَكُوْتُ كُلُّ شَيْءٍ، أَنْ تُؤْمِنَ لِمَنْ أَمَرَهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُوْلَ: "كُنْ فَيَكُوْنَ"، يَنْبَغِى أَنْ تُؤْمِنَ لِمَنْ إِلَيْهِ يُهْزَءُ أَمْرٌ كُلَّهُ، فَلِذَلِكَ إِلَى آخِرِ كَلِمِي. وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ، يَنْبَغِى أَنْ تُؤْمِنُوْا بِهِ أَوَّلاً حَتَّى تَعْلَمُوْا المَطَرَ وَالجَسِيْمَةَ الَّتِى تَأْتِى بِالمَعْصِيَةِ وَالاِكْرَامَاتَ الَّتِى لاَحَظُوْا بِلَهَا إِنَّمَا تَاْتِى بِالطَّاعَةِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ...
لاَزِمْنَا التَّقْوَى، الآنْ كَيْفَ نَعْرِفُهُ؟ قَدْ إِنَّ فِى اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُوْنَ، إِذَا تَفَكَّرْنَا فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ تَفَكَّرْنَا فِي المُجَرَّادِ، تَفَكَّرْنَا فِي النُّجُوْمِ، فِي الكَوَاكِبِ، فِي اللَّيْلِ، فِي النَّهَارِ، فِي الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، فِي البِحَارِ، فِي الاِنْهَارِ، فِي البُحِيْرَاتِ
No comments:
Post a Comment